رحلتي مع علم النفس: من المناهج القديمة إلى بناء هوية المساند النفسي
Feb 22, 2025
عندما قررت دراسة علم النفس، كان شغفي لفهم النفس البشرية هو دافعي الأكبر. توجهت إلى جامعة دمشق، أملاً في أن أجد ما أبحث عنه من معرفة تُنير لي الطريق في هذا المجال العميق. دخلت الحرم الجامعي، والتقيت فتاتين وسألتهما إن كانتا تدرسان علم النفس. نظرتا إليّ نظرة لم أفهمها في البداية، ثم أجابتا: “نعم، نحن طالبات علم النفس.”
كانت إحدى الفتاتين تحمل كتابًا، فطلبت منها أن أطلع عليه. فتحت الصفحة الأولى لأتفاجأ بتاريخ التأليف: عام 1950م. شعرت بصدمة حقيقية. كيف يُمكن دراسة النفس البشرية، بكل تعقيداتها وتحولاتها، بمنهج مضى عليه أكثر من نصف قرن؟ خرجت من الجامعة وأنا أقول لنفسي: “لن أدرس هنا، فالعلم الذي لا يتطور، يتوقف عن كونه علمًا.”
البحث عن العلم الحي
لم أتوقف عند هذه المحطة. قررت السفر إلى بيروت، وهناك كان أول ما طلبت رؤيته هو المناهج التي تُدرّس في الجامعات. دخلت الجامعة لأجد كتبًا حديثة، مؤلفة في نفس العام أو العام السابق فقط. شعرت بأنني أخيرًا في المكان الصحيح، حيث يتنفس العلم ويتجدد مع كل اكتشاف جديد. درست تخصص علم النفس بمراجع حديثة، وكان ذلك بداية رحلتي الحقيقية مع هذا المجال.
التطور لا يتوقف
مع مرور الوقت وممارستي للاستشارات النفسية، أدركت أن العلم لا يكفي أن يكون حديثًا فقط، بل يجب أن يكون حيًا ومتطورًا باستمرار. بدأت ألاحظ أن بعض الحالات النفسية لا تستجيب للتقنيات التقليدية، وأن هناك آلامًا أعمق من أن تُعالج بالكلام فقط.
هنا بدأ فضولي يقودني لاكتشاف ما هو أبعد من المناهج الجامعية. بدأت أتعلم تقنيات حديثة مثل:
• PEAT لتحرير المشاعر العالقة.
• EFT للتحرر العاطفي.
• التنفس الواعي والتأمل والتخيل العلاجي لتعزيز المناعة النفسية.
الأكاديمية وحدها لا تكفي
أدركت حينها أن الأكاديمية هي الخطوة الأولى، وليست المحطة الأخيرة. ليس كل أكاديمي مشهود له بالعلم والمعرفة الحقيقية، لأن المعرفة الحقيقية هي التي تتجدد مع الزمن، وتنمو مع تطور العلوم. إذا كنت أكاديميًا في علم النفس، فأنت بحاجة إلى تحديث معرفتك باستمرار، لأن النفس البشرية أعقد من أن تُفهم بمنهج جامد لا يتغير.
من هذه الرحلة.. وُلد البرنامج
من خلال هذه الرحلة الطويلة، قررت أن أُشارك كل ما تعلمته مع من يحملون شغف مساعدة الآخرين. هكذا وُلد برنامج “بناء هوية المساند النفسي: من التأسيس إلى التمكين”. البرنامج صُمم ليكون دليلًا عمليًا شاملًا لكل من يريد أن يُصبح مساندًا نفسيًا حقيقيًا، يمتلك العلم الحديث والأدوات الفعّالة لبناء هوية مهنية قوية.
في هذا البرنامج، ستتعلم كيف:
• تفهم النفس البشرية بعمق من خلال أحدث النظريات النفسية.
• تستخدم أدوات عملية لتحرير العواطف وتخفيف المعاناة النفسية.
• تُبني هويتك المهنية كمصدر ثقة وأمان وشفاء لمن يحتاج الدعم.
العلم رحلة لا تنتهي
إذا كنت تشعر أن رسالتك هي مساعدة الآخرين، فأنت بحاجة إلى تطوير نفسك باستمرار. المساند النفسي الحقيقي هو الذي يُعالج الآخرين، لكنه لا يتوقف أبدًا عن معالجة نفسه وتطوير أدواته.
العلم هو بحر واسع، وكل موجة فيه تحمل معرفة جديدة. فهل أنت مستعد للغوص أعمق؟
تحياتي لكل عاشق للعلم، ولكل قلب ينبض بالرحمة والشغف بمساعدة الآخرين.
بلقيس يمان قنبرجي
انضــم ل 2000+ مهتم بالصحة النفسية تصلهم مقالاتي على الإيميل.
تركّــز المقالات على الصحة النفسية و طرق العلاج الصحية الجديدة